إِسلَام

ثقافة العمل وبناء الشركات الناجحة


منذ ثلاثة أشهر أبلغتنا موظفة الموارد البشرية في الشركة التي أعمل بها، أنه سيكون هناك تجمعاً للشركة في مدينة برشلونة في شهر أكتوبر. وها أنا ذاك الآن بينما أكتب هذه الكلمات.

الشركة التي أعمل بها ليس لها مقر معين، بل نعمل جميعاً عن بُعد. لذلك يجتمع أفراد الشركة سنوياً لمدة أسبوع في مدينة ما وتتكفل الشركة بمصاريف السفر والاقامة وترتيب بعض الأنشطة الجماعية المختلفة والألعاب. الهدف من هذا التجمع السنوي هو بناء علاقات قوية بين فريق العمل لتقليص فجوة التواصل التي تحدث بسبب العمل عن بعد، بالاضافة الى ذلك، معرفة الأشخاص وطبيعتهم عن قرب يعطي تفاهم أكبر بين فريق العمل، فعندما نعمل عن بعد، نتعامل مع الأشخاص فقط على أنهم اسماء أو مجرد صور في برامج التواصل.

ولأني معجب جداً بأداء الشركة، وددت أن أشارككم التجربة من الداخل وأروي لكم مميزات بيئة العمل التي أعيشها الآن مع axiom.

التجارب المريرة

يوم أمس كنت أتحدث مع زميلي في العمل عن موضوع ثقافة العمل، وكان النقاش مثيراً في الاهتمام حيث مر كلانا بتجارب مختلفة أثرت فينا بالسلب وبالإيجاب، تبادلنا سوياً حكايات عن هذه التجارب وشاركني زميلي بعض التجارب المريرة التي تركت انطباعاً حالكاً في قلبه، يا لحظه السئ! أصيب بالاحباط من سوق العمل بسبب هذه التجارب وأصبحت لديه نظرة سوداوية ولكنه كان سعيد في شركتنا، كان سعيدًا في Axiom.

اختلفت تلك التجارب المريرة من واحدة لأخرى، لكن دار معظمها حول ثقافة العمل وبيئة العمل والثقة والمصداقية، ما بين مدير متسلط، أو زميل خبيث او نظام عمل فاشل والكثير غيرها، لكن عوضاً عن التحدث عن هذه السلبيات، سأتحدث عن ثقافة العمل في الشركات التي عملت بها وخاصة Axiom.

منتج الشركة

تبني الشركة منتجاً مميزاً جداً، وهو عبارة عن منصة لتجميع وتخزين ال logs بلا حدود، بسرعة عالية وتكلفة أقل بكثير من المنافسين. كما يمكن تحليل هذه البيانات وبناء رسوم بيانية بناء (charts) بناء على معادلات استعلام يمكن كتابتها بلغة axiom الخاصة APL.

ينافس المنتج شركات عملاقة مثل datadog، كما يتم دمج المنصة مع منصات أخرى كبيرة مثل vercel و netlify و cloudflare.

قابلية الاستخدام للمبرمجين

بما أن هذا المنتج موجه بشكل أساسي للمشاريع التقنية والمبرمجين، تهتم الشركة جدًا بقابلية الاستخدام للمبرمجين (ما يسمى Developer Experience) وهناك فريق مخصص لداخل الشركة مختص بهذا الأمر، وانا أعمل كفرد في هذا الفريق. مهمتنا الأساسية هى تطوير الأدوات التي تساعد المبرمجين على دمج خدماتنا بسهولة ويسر في مشروعاتهم الخاصة والعمل مع المجتمع التقني لتطوير هذه الأدوات أو المكتبات كي تناسب احتياجهم.

ويضعني هذا الأمر كمبرمج في الجانب الأخر من صناعة البرمجيات، بدلاً من أن أكون فقط مستخدماً لأدوات يصنعها مبرمجين أخرين، أقوم أنا ببناء مكتبات أو أدوات يستخدمها باقي المجتمع. إنه أمر غاية فالمتعة، ويجعلني أكتب أدوات مفتوحة المصدر على github، وهو أمر لطالما وددت أن أفعله. مما لاشك فيه أنني أقوم بتطوير مهاراتي خلال العمل على هذه الأدوات وأرى تأثيرها على مبرمجين أخرين!

إن صفحتي على جيتهاب تزداد بريقاً كل يوم. تخطط مشاركاتي العام الماضي 1300 مشاركة على حسب التقرير!

الشفافية

حينما أتحدث عن الشفافية هنا، لا أتحدث فقط عن الشفافية الإدارية وطريقة التخطيط واتخاذ القرارات، أتحدث أيضاً عن الشفافية بين أفراد العمل. حيث يمكن لكل فرد أن يشارك أمام الشركة أن لديه مشوار للبنك مثلاً ويجب أن يذهب، أم لديه ميعاد مع الطبيب، لا مشكلة! فهذه الأمور تحدث لجميع الأشخاص في حياتهم الشخصية ولا يجب أن يكون العمل عائق والعكس صحيح، فيمكمنا أداء هذه الاحتاجيات الشخصية وتعويض ذلك الوقت في العمل لاحقاً.

في رأيي هذه التجربة تُعطي الموظفين شعور بالراحة والامتنان، مما يزيد من الانتاجية والمرونة داخل الشركة.

الثقة والمصداقية

بالطبع يمكن استغلال هذه الشفافية بشكل سئ، لكن حتى يعمل نظام الشفافية جيداً يجب أن يكون هناك ثقة ومصداقية بين فريق العمل الواحد، وفرق العمل المختلفة. بالطبع بناء هذه الثقة يحتاج إلى وقت، ويعتمد على كل فرد أن يقوم بتعزيز هذه الثقة وأن يثبت مصداقيته وجديته في العمل.

وفي هذه الحالة، فإن الثقة والمصداقية تأتي من الاتجاهين، من اتجاه الادارة نفسها، في اثبات عملها ومصداقيتها وثقتها بالموظفين، وفي ثقة الموظفين نفسهم في العمل والتعامل مع الادارة.

ثقافة عدم اللوم

وإن جمعنا الشفافية مع الثقة والمصداقية في بيئة عمل واحدة، يمكننا أن نضيف عليها ثقافة عدم اللوم. ربما هو مصطلح جديد نوعاً ما، لكن باختصار، هذا المصطلح يعني أنه حينما يحدث خطأ ما في العمل يجب أن لا نلوم الموظف أو صاحب الخطأ، إنما نفكر في كيفية تجنب هذا الخطأ مرة أخرى وإيجاد الأسباب التي تسببت في حدوث هذا الخطأ.

ربما تكون المشكلة في نظام العمل أو قوانينه، أو ربما تكون المشكلة في الفرد نفسه، أو ربما تكون المشكلة في العمل الجماعي. لكن الأهم هو أننا نتعامل مع المشكلة بشكل صحيح ونتجنب اللوم والتهميش. وجود الشفافية في بيئة العمل هو أمر ضروري حيث يمكن للفرد أن يقوم بإعلان أنه أرتكب خطأ ما ويشرح الخطوات التي مر بها وأدت إلى حدوث هذا الخطأ، طبعًا هذا لا يمكن أن يحدث إلا في بيئة عمل أمنة، يشعر فيها الفرد بالثقة وإنه سيحصل على المساعدة وسيساعده باقي فريق العمل على إيجاد حلول لتجنب حدوث المشكلة مرة آخرى، على سبيل المثال لا الحصر، ممكن وقتها توثيق المشكلة (documentation) أو كتابة بعض الاختبارات (regression tests) التي تضمن عدم تكرار المشكلة.

وهذه بيئة العمل التي تتمتع بها axiom حيث جميع النقاشات مفتوحة والموظفين يتحدثون مع بعضهم بشكل مباشر ويتبادلون الأفكار والخبرات ويتعاونون على حل المشاكل وتطوير البرامج والمنتجات. وهذا ما يجعلنا نتمتع بالعمل ونحبه ونتمتع بالنجاح والإنجاز.

اجتماعات قليلة، يوم بدون اجتماعات

منذ البداية اهتمهت إدارة axiom بتوفير الوقت عن طريق تقليل الاجتماعات بشكل مباشر. هناك اجتماع واحد أسبوعي للشركة ككل، وذلك لمواكبة أخر التحديثات بين فرق العمل ومواكبة خطة وأهداف الإدارة واتجاه الشركة. يكون هذا الاجتماع عبارة عن نصف ساعة فقط في كل أسبوع! وىؤدي هذا الاجتماع مهمته بنجاح بدون الإطالة في الكلام.

هناك اجتماع أخر، وهو لكل فريق على حدى يقوموا فيه بالتخطيط للعمل خلال الأسبوع الجديد، ويكون من نصف ساعة إلى ساعة حسب كل فريق واحتياجاته الخاصة. بالطبع يمكن للأفراد أن يبدأو مكالمات فيما بينهم للتناقش أو العمل سوياً على أحد المشاريع، ولكنها عادة تكون مكالمات سريعة أيضاً.

وهذا يخذنا إلى اليوم الخاص بالتركيز الكامل، يوم الجمعة من كل أسبوع، حيث تُمنع فيه أي اجتماعات أو رسائل خاصة، وتكون الشركة فيه في هدوء تام، كل فرد مركز في عمله للتركيز على إنهائه قبل نهاية الأسبوع بدون تشتيت.

الأهداف الشخصية مع المدير

وبعد أن ناقشنا بيئة العمل ككل، سأحدثكم قليلًا عن علاقتي مع مديري، وهى ليست تلك العلاقة الاعتيادية المملة كما اعتدناها. مديري شخص ذكي ونشط جداً، نحن نعمل سوياً على بناء الأدوات المختلفة ونتبادل الأفكار، كما يساعدني في تحديد أهداف شخصية لي داخل الشركة، أهداف متعلقة بالعمل، مما يزيد من تركيزي وتوجهي خلال فترة العمل.

قائمة التفاخر

من الأشياء الجيدة التي بدأها مديري معي مؤخراً ما يسمى بقائمة التفاخر (brag document) وهى قائمة تحتوى على الانجازات التي أفتخر وأعتز بها خلال السنة. هناك مميزات عديدة ناتجة عن كتابة قائمة التفاخر، والاحتفاظ بها، منها:

  • بناء الثقة في النفس على المدى الطويل
  • تُذكرك دائماً بالأشياء التي انتهيت منها وبرعت فيها
  • تساعدك على التفكير في أهداف العمل
  • يمكن استغلالها لطلب الترقيات
  • يمكن الاقتباس منها لبناء سيرتك الذاتية
  • تبنى الحماسة والإلهام للعمل
  • تحميك من أن تكون قاسياً على نفسك أثناء أوقات الإحباط

يمكنك أيضاً بناء نفس القائمة لنفسك خارج نطاق العمل، ربما للأهداف الحياتية والمشروعات الجانبية، سأبدأ بتنفيذها لنفسي بداية من اليوم 😄

الFeedback المتبادل

لا ينتهى الأمر هنا، بل أقوم بسماع مديري وهو يعطيني رأيه في عملي ومقترحات لتطويره ولتحسين الأداء الخاص بي، كما يسألني عن رأيي في أدائه، وكيفية تحسين العمل معه. وهذا يعتبر من أهم الأشياء التي تساعدني على بناء الثقة والمصداقية مع مديري، والمشاركة في بناء إطار عمل إيجابي بيني وبينه.

العمل عن بعد والقرب الاجتماعي

من الجدير بالذكر أن هذا النظام يبدو مثالياً، بالتأكيد هو ليس كذلك، مارلنا بشر، وكبشر غير مثاليين، نحن نحتاج إلي الاجتماعيات. كيف سيتم بناء الثقة والمصداقية بين أفراد العمل إن لكم يكونوا نوعاً ما على قرب من بعضهم البعض؟

لذلك تهتم إدارة الشركة بعمل هذه المقابلات الواقعية بين الفرق المختلفة أو بين أعضاء الفريق الواحد من وقت لأخر، كما تدعونا بشكل دوري إلي مكالمة إختيارية نقوم فيها بالتحدث إلى بعضنا البعض ولعب بعض الألعاب الجماعية لنعزيز العلاقات فيما بيننا خارج إطار العمل.

ثقافة اختيار العمل ووضع الأهداف

أخيراً، لا يمكنني أن لا أطرح هنا حديثاً عن اختيار العمل ووضع الأهداف كفريق، كل فريق أدرى بتفاصيل المنتجات التي يعمل عليها، ويمكن لكل فريق أن يأتي بأفضل الأهداف لتطوير هذا المنتج، طبعاً ليس بشكل مطلق، لكن ضمن خطة واتجاه الشركة ككل. يعطي هذا مزيجاً من الحرية و الإبداع لدى الفرق، حيث تضمن وتثق إدارة الشركة أن المنتجات تسير في نفس خط اتجاه وأهداف الشركة، وفي نفس الوقت تعطي المساحة لكل فريق أن يضع أهدافه وخطة لتنفيد هذه الأهداف وعدم تقييدهم.

لذلك بشكل عام، أجل العمل داخل axiom مُمتع ومشجع على الإبداع والإنطلاق وأرى أنه من الضروري، لا محالة، أن تقوم الشركات والإدارات أن تقوم بتطوير والاهتمام ببيئة وثقافة العمل إن أرادت النجاح والاستمرار.

إنضم لنا

إن كنت قد وصلت إلى هنا فيبدو أنك استمعت بالسماع عن بيئة العمل في axiom، ونحن نبحث عن الأشخاص المميزين مثل، إن كنت ترغب في الإنضمام على فريقنا فيمكنك زيارة صفحة الوظائف في موقعنا الإلكتروني:

Axiom Jobs

ودمتم